-->

أحدث المواضيع

2020-12-12

مدرسة الجشطالت : Gestaltpsychologie

                                                                             
مدرسة الجشطالت : Gestaltpsychologie


                                                                       

مدرسة الجشطالت : Gestaltpsychologie

 المؤسس : 

  ماكس فيرتمر( 1880_ 1943م). وقد ساعده منذ بداية النظرية كل من كوفكا وكوهلر والعلماء الثلاثة من ألمانيا. ونظرية الجشتالت تدخل ضمن المدرسة المعرفية. 

معني الجشطلت :

        الجشطلت كلمة المانية تعني الشكل أو الكل أو الهيئة أو النمط المنظم الذي يتعالى على مجموع الاجزاء, ظهرت هذه الحركة عام (1912) في نفس الوقت الذي ظهرت فيه الحركة السلوكية في أمريكا ومؤسس هذه الحركة (ماكس فرتايمر) ومن ابرز اعلامها (كوفكا وكوهلر) جاءت هذه الحركة كرد فعل على الحركة البنيوية التي حاولت تجزئة الادراك الى مكونات اولية من الشعور ، وكذلك رد فعل على الحركة السلوكية التي عملت على تجزئة السلوك الى سلسلة من المثيرات والاستجابات . اهتم اصحاب هذا الاتجاه بدراسة ظاهرة الادراك ورأوا ان يجزأ ، فعندما ندرك شيئا ما فأننا ندركه ككل متكامل لا كمجموعة من الاجزاء ، وبذلك قام اصحاب هذه الحركة بصياغة مبدأ شهير والذي يقول أن الكل أكبر من مجموع أجزاءه ، أي أن مجموع الأجزاء لايساوي الكل . هذا وقد وضع الجشطلتيون عدة قوانين تفسر عملية الادراك .

  نظرية الجشطلت الأدراكية :

      ظهرت دراسات الجشطلت على ايدي العلماء الالمان , سميت هذه النظرية بالجشطلت ( Gestalt) الشكل أو النمط الكلي , لأنها تركز على وحدة إدراك الشكل الكلي . تقوم فرضية هذه النظرية على ( أن الفرد يلجأ إلى تنظيم مدركاته في صورة أشكال وعلاقات تمكنه من فهم العالم من حوله ) , والمبدأ الاساس في هذه النظرية يدعى بـ النمط pragnus وينص على أننا نتعرف على الأشكال بعد تنظيمها للمنبهات التي تصبح نمط ابسط وأكثر تنظيماً من ذي قبل وبصورة كلية macro .

     ترى مدرسة الجشطلت أن التعليم يقوم على الفهم الكلي للموقف برمته وهكذا يكون التعلم ضرباً من التفكير والتأليف والابتكار أو على حد قولهم ضرباً من الاستبصار ( الادراك الفجائي لمابين اجزاء الموقف الكلي من علاقات اساسية ), وهي لاتؤمن بأثر المحاولات والأخطاء في عملية التعلم ولكنها تذكر أنه تخبط أعمى لاصلة له بالمشكلة , والصحيح هو أن الانسان حتى في محاولاته يحاول أن يجرب بصورة كلية الموقف الذي يتعامل معه . واتباع هذه المدرسة يرون أن التفكير والاستبصار أكثر من أن يكون نهاية محاولات وأخطاء كبيرة في ذهن الفرد , كما يزعم السلوكيون , بل أنه نتيجة لإعادة تنظيم المجال الادراكي بما يعين على بروز الحل , فالحل لايتاح بالاستبصار إلا إذا أعيد تنظيم الموقف التعليمي تنظيماً يسمح بإبراز جميع عناصره في مجال إدراك الفرد , حيث أن الاستبصار لاينبثق إلا في اللحظة التي تبدو فيها المشكلة في صورة واضحة . أي أن التعلم بالاستبصار لابد أن يقوم على الفهم الكلي للموقف بأجمعه لا لأجزاء فرادي منه .

المفاهيم الأساسية لنظرية الجشطلت:

1- الجشطلت:

  الجشطلت كلمة المانية لم يستطيع أحد ترجمتها إلى الانكليزية أو العربية ترجمة دقيقة لذا ظلت هذه الكلمة جزءا من مصطلحات علم النفس المستخدمة عالمياً . والكلمة تعني أقرب ما تكون :

الصيغة أو الشكل أو النموذج أو الهيئة أو النمط أو البنية أو الكل المنظم أو نظام تكون فيه الأجزاء المكونة له مترابطة ترابطآ ديناميكيآ فيما بينها وفي مابين الكل ذاته , أو هي كل متكامل , كل جزء فيه له مكانه ودوره ووظيفته التي تتطلبها طبيعة الكل .

2- البنية أو التركيب:

والحقيقة إن مهمة النظرية الجشطلتية تتمثل في وصف البنى الطبيعية بطريقة لا تشوه أصلها. فبنية الجشطالت النمطي تقوم على طبيعة ما بحيث يؤدي تغيير أي جزء من أجزائها , إلى تغييرات حتمية (في الغالب ) على تلك البنية .

3- الاستبصار:

ويعني فهم الموقف المشكل وترابط أجزائه وطريقة عمله وكيفية التوصل إلى الحلول المناسبة له .

4- الفهم:

إن الاستبصار يهدف إلى تحقيق الفهم الكامل للأشياء ويكون التعلم قد تم حصوله إذا كان هناك استبصار أو فهم , والفهم هو الهدف من التعلم .

5- التنظيم:

ويعني ترتيب عناصر الموقف التعليمي بشكل يسهل عملية التعلم والتنظيم من الأمور الأساسية لسيكولوجية التعلم وفهم بنيته.

6- إعادة التنظيم:

ويعني استبعاد التفاصيل التي لا جدوى من ورائها, وإذا استطاعت الكائنات الحية إدراك وفهم كل موقف جديد بصورة مباشرة وصحيحة وبدون إي مصاعب.فمعنى هذا انه لا توجد حاجة للتعلم ولكن الكثير من المشكلات تتم بصورة يصعب عمل أي شيء إزائها أو حلها إذا ما واجهناها، وقد تكون غير قابلة للفهم ولا معنى لها ولا يصبح الحل ممكنا إلا إذا أمكن التعرف بوضوح على الملامح الرئيسية للمشكلة وظهرت بعض الدلائل التي تجعل من الحل امرأ ممكناً و هكذا فان التعلم غالباً ما ينطوي على تغيير إدراكنا الأولي للموقف المشكل وإعادة تنظيم ذلك الإدراك حتى نحقق النجاح .

7- المعنى:

أن المتعلم الحقيقي لا يتطلب أقامة ارتباطات اشراطية بين العناصر غير المترابطة, وإنما يعبر عن المواقف التي تكون فيها للأشياء معنى عن طريق فهم العلاقات بين أجزاء هذه المواقف .

8- الانتقال:

إن الاختبار الحقيقي للفهم هو إمكانية انتقال الاستبصار الذي تم الحصول عليه إلى مواقف أخرى تشبه في بنيتها الموقف الأول .

9- الدافعية الأصلية:

   إن تحقيق الاستبصار من أهم أشكال المكافأة الأصلية في جمع التجارب. وهذا يعني إن اكتساب الفهم أو الكفاءة يمثل أهم إشكال هذه المكافأة ومن هنا فأن استخدام المكافأة الخارجية و إشكال التعزيز غير المرتبطة ارتباطاً مباشراً ومتداعياً بالعمل المحدد ذاته الذي نتعلم عنه شيئا, أمرآ ينبغي عدم تشجيعه وإيقافه. فالدافع الأصلي لمحاولة عمل شيء له معنى من شيء جديد, كافٍ في حد ذاته ويؤدي إلى التعلم. إما الدافع الخارجي فمن المحتمل أن يؤدي إلى التشويش والى الاهتمام بشيء لا علاقة مباشرة بينه وبين العمل التعليمي ذاته .

تفسير الجشطلت لعملية التعلم :

أن التعلم عملية ديناميكية تتحول فيها المشكلة من موقف مضطرب ناقص التكوين إلى موقف أخر ذي تكوين أفضل.

1-إن التعلم لا يمكن نسيانه ويمكن تطبيقه في مواقف مشابهة.
2-إن التعلم يقوم على فهم العلاقات الداخلية للموقف الذي نتعلمه .

3-الفهم والإدراك يقومان على أعادة الموقف التعليمي.
4- يقوم التعلم على التدرج من الكل إلى الجزء .
5- التعلم هو استبصار وفهم حقيقي للعلاقات وليس اشتراطات أو استجابات .

6- إن الفهم والاستبصار ينتقل أثرهما إلى مواقف جديدة.
7- التعلم لا يحدث نتيجة المكافأة لان الاستبصار يعد ذاته مكافأة .
8- إن المكافأة داخل الصف التعليمي تشتت ذهن الطالب .

الجانب الايجابي:

1- أفادت آراء الجشطلت ونظريتهم في التعلم لا موضوع التعلم من الناحية النظرية فحسب وإنما أيضا الحقل التربوي . عندما أصبح الاهتمام يوجه إلى المبادئ الكلية في التعليم وفي طرق التدريس ووضع المناهج بصفة خاصة فضلاً عن النتائج المثمرة في حقل التطبيق التربوي المباشر.

2- اهتمت بالبدء بالتركيبات ذات المعنى والتي يمكن إدراكها كصيغة كلية مترابطة أصبحت هي الطريقة المفضلة عند اغلب التربويين عن البدء بالأجزاء التي تقف وحدها ولا تكون بالنسبة للتلميذ كلآ متماسكآ .

الجانب السلبي:

1- يعتمد تفسيرهم لعملية التعلم على أساس حدوث الاستبصار , والاستبصار لا يأتي عادة ألا بعد عدد من المحاولات يتصرف الكائن الحي أثنائها بالمحاولة والخطأ , متى تنتهي هذه المحاولات ومتى يأتي الاستبصار ؟ هذا شيء يصعب تحديده والتنبؤ به.

2- أن مفهوم الاستبصار غير محدد فقد يعني وصول المتعلم إلى الحل فجأة بعد أن يكون قد تغلب على بعض العقبات عن طريق المحاولة والخطأ وفي الواقع سواء سبق الاستبصار سلوك المحاولة والخطأ أو لم يسبقه , فأن نظرية الاستبصار تؤكد أهمية أدراك الكائن الحي لطبيعة العلاقات التي يتضمنها الموقف وتفهمها , والوصول إلى الحل عن هذا الطريق لا عن طريق تجميع أجزاء الخبرة أو التكرار الأعمى وهذا هو ما يقصده الجشطلت .

3- ويؤخذ على الجشطلت كذلك إهمالهم للدور الذي تقوم به الخبرة السابقة في مواقف الإدراك والتعلم وقصرهم الاهتمام على القوانين التي تنظم المجال الإدراكي وهو إهمال ليس له ما يبرره .

فرضيات نظرية الجشطلت :

1- التعلم يعتمد على الإدراك (الحسي):

 التعلم يعني اكتشاف طبيعة الحقيقة , ويتعلق بإدراك ماهو حاسم في أي موقف من المواقف , أو معرفة كيف تترابط الاشياء والتعرف على البيئة الداخلية للشيء الذي على الفرد التعامل معه , أما كيف يدرك الفرد شيئاً ماهو الأمر الذي يؤثر تأثيراً مباشراً في كيفية تركيزه في الذاكرة وهكذا فمن البديهي القول أن ماهو موجود في الذاكرة لابد وان يكون قد قدم بشكل محسوس أو مدرك أو معروف فالإدراك يحدد التعلم .

2- التعلم ينطوي على أعادة التنظيم: 

التعلم هي مسألة الانتقال من حالة يكون فيها شيء ما لامعنى له , أو من حالة يبدو فيها الموقف كله غامضاً , إلى حالة جديدة يصبح فيها للأشياء معنى أو حالة نتغلب فيها على موقف غامضاً الى موقف في غاية الوضوح , وهذا يتم من خلال تنظيم العناصر بشكل مناسب يوصل الى الهدف .

3- التعلم ينصف ما نتعلمه (أي يعطيه قدره):

 ليس التعليم عملية ارتباطية اعتباطية بين أشياء لم تكن مترابطة من قبل , بل أن التعلم يعني التعرف الكامل على العلاقات الداخلية للشيء المراد تعلمه , وكذلك بنيته وطبيعته وهذه هي السمة المميزة للتعلم المتبصر , وما نتعلمه يجب أن يناسب تماما حقيقة الشيء الذي نتعلمه وخصائصه الكلية , وجوهر التعلم هو التعرف على القوانين الداخلية والترابط الدقيق للشيء الذي نتعلمه.

4- يعنى التعلم بالوسائل والنتائج المترتبة على استخدامها:

 فالشمبانزي عندما استخدم العصا بشكل صحيح استطاع الحصول على الموز.

5- الفهم يمكن أن ينتقل إلى مواقف أخرى جديدة: 

أن اكتساب الفرد لمبدأ عام يعني أمكانية تطبيقه في أي موقف مناسب ولا يكون قاصراً على الموقف الذي جرى تعلمه فيه فحسب , وعلى النقيض من ذلك , فأن ما يتعلمه الفرد عن طريق الحفظ والاستظهار لا يحتمل أن يكون قابلاً للانتقال إلى مواقف تعليمية أخرى.

6- التعلم الحقيقي لا ينطفئ (لا ينسى): 

الخبرة التي تم تعلمها عن طريق الاستبصار لايتم نسيانها بسهولة ,لأنها تصبح جزءاً من رصيد الذاكرة طويلة المدى .

7- الحفظ بديل واه للفهم:

 إن الحفظ يؤدي إلى تعلم لا يمكن نقله إلى مواقف أخرى, ويؤدي إلى تعلم لا يمكن الاحتفاظ به بنفس القدر من التعلم الناجم عن الفهم .

8- الاستبصار هو مكافأة للتعلم :

 أن التعلم الحقيقي كثيراً ما يصاحبه شعور بالابتهاج والانتعاش ’ فرؤية العلاقات التي تدل على المعاني وفهم البنية الداخلية للجشطلت والقدرة على أدراك المعنى الذي تدل عليه الأشياء, كل ذلك إنما يمثل خبرة سارة في حد ذاتها.

9- التشابه يلعب دوراً حاسماً في الذاكرة: 

في الوقت الذي تؤكد فيه النظريات الأخرى على الاقتران والتكرار كأمور حاسمة في عملية التعلم، فإن علماء النفس الجشطلتيين يؤكدون على أهمية وجود خصائص مشتركة أخرى في هذه العملية، وعلى الخصوص فهم يرون إن الأصلية الجشطلتية التي تربط جانباً جديداً (لشيء معروف) بالتجربة السابقة لمثير ما أمر حاسم بالنسبة للعملية الأساسية للتعرف ذاته.

كيف يحدث التعرف؟ كيف يمكن أن تعرف ؟ إنه سبق لك الاستماع إلى لحن موسيقي تسمعه الآن منبعثاً من المذياع؟ وكيف تعرف إن شخصاً ما تراه في حفلة من الحفلات سبق لك أن قابلته قبل ذلك؟ وكيف تعرف على سيارتك عندما تذهب إلى موقف السيارات؟ إن الاستدعاء والتعرف وأي عملية تتضمن استرجاع المعلومات من الذاكرة بصورة حاسمة تنطوي على الإفادة من التشابه (similarity).

وان أدراك الحقيقة المتمثلة في كونك قد رأيت شخصاً من قبل ولو تصورنا أن مخزون الذاكرة طويلة الأمد على أساس كونه مجموعة كبيرة من الآثار والأحداث والتجارب السابقة فمعنى ذلك إن هذا العامل الجديد أو رؤية الشخص ثانية لابد إن تجري عملية مقارنة بينه وبين كل ما هو مخزون في الذاكرة وذلك لتحديد ما إذا كان فيه إي شيء يشبه العامل الجديد تشابهاً كافياً حتى تتوقف عملية البحث عن الآثار في الذاكرة .

   تتلخص فرضيات النظرية الجشطلتية بما يأتي :

1- التعلم يعتمد على الإدراك ( الحسي ).
2- التعلم ينطوي على إعادة التنظيم للمواقف كلياً.
3- التعلم ينصف مانتعلمه ( أي يعطيه قدره ).

4- التعلم يعني بماذا يؤدي إلى ماذا ( يعني بالوسائل والنتائج ) .
5- الاستبصار يتجنب الأخطاء.
6- الفهم يمكن أن ينتقل إلى مواقف أخرى جديدة.

7- التعلم الحقيقي لاينطفىء ( لاينسى ) بل يخزن ويترك أثر Trace حتى لو لم يستطيع الانسان أسترجاعه للحظة المعينة .
8- الحفظ عن ظهر القلب بديل واه للفهم ويترك اثر ضعيف في المخطط العقلي .
9- الاستبصار هو مكافأة المتعلم بعد عملية التنظيم .
10-التشابه يلعب دوراً حاسماً في تنشيط عمل جهاز الذاكرة .

   نبذة عن حياة كوهلر: (1887- 1976)

    عالم نفس ولد بمنطقة البلطيق وانتقلت أسرته الى شمال ألمانيا وتلقي كوهلر تعليمه في جامعات كوبنهجن ويون وبرلين وحصل على إجازته العلمية من جامعة برلي تحت إشراف كارل ستمف , وفي عام 1913دعته الاكاديمية الروسية الى "تنزيف" وهي إحدى جزر الكناري لعمل دراسة على الشمبانزي، ثم حالت الحرب العالمية الأولى من دون مغادرته "تنزيف" بعد إقامته بها ستة أشهر وأنجز عمله الرائع هناك(عقلية القردة ) ثم عاد كوهلر إلى ألمانيا عام 1920 وخلفّ مكان كارل ستمف في جامعة برلين وحاضر في جامعة كلارك وهارفورد, ترك كوهلر ألمانيا عام 1935 بسبب صراعه المستمر مع النازي، وعلى الرغم من أن كوهلر لم يكن يهوديا الا أنه طرد ضمن حركات طرد اليهود وقد منح كوهلر جائزة الإنتاج التميز من جمعية علم النفس الامريكية وكانت كتابات كوهلر في المظهر الممتاز لحركة الجشتطلت , وكان كوهلر من مشجعي تطبيق الفيزياء في المجالات الأساسية لعلم النفس .

مفهوم الاستبصار:

  يعد هذا المفهوم من اكبر الاضافات العلمية التي قدمها علم النفس الجشطلت لفهم طبيعة عملية التعلم , ويعرف الاستبصار بانه ( ادراك مفاجىء للعلاقات بين عناصر او جوانب الموقف , نتيجة اعادة تنظيم تلك العناصر ) , اذ يفسر اصحاب هذه النظرية عملية التعلم على اساس انها عملية اعادة تنظيم للمجال الادراكي الذي يوجد فيه الكائن الحي , من خلال ادراك العناصر اولاً , وبعد ذلك تدرك العلاقات التي تربط بينهما في ضمن المجال , وهذه الادراكات تؤدي الى اعادة تنظيم المجال في صورة كلية جديدة .

   وبذلك يكون التعلم هو العملية المؤدية الى اعادة تكوين الكل المنظم , وعلى وفق هذه الرؤية للتعلم بالاستبصار نجد أنه يتضمن عمليتين من اهم العمليات العقلية وهما عمليتا:الفهم وادراك العلاقات , ومثل هذا المستوى من التعلم يوجد في مستويات عليا من سلم الكائنات الحية , وحتى نستطيع توضيح هذا المفهوم , اي كيف يقوم الكائن الحي بأدراك عناصر الموقف وتكوين علاقات واضحة بينها حتى يتوصل الى الحل الاستبصاري سنقوم بعرض التجارب .

ومن خصائص التعلم بالاستبصار مايأتي :

1- تتوقف قدرة الفرد على التعلم بالاستبصار على مستوى ذكائه وكذلك على سنه وخبراته أي أن الذكاء عند مدرسة الجشطلت ضرب من الاستبصار.

2- إن التعلم بالاستبصار تسبقه غالباً مرحلة من المحاولات والاخطاء الذهنية لدى الكبار من بني الانسان وربما كان الأمر كذلك لدى الأطفال لكن سرعان مايتبع ذلك المادة تنظيم للموقف حتى يتم تعلمه وبصورة صحيحة.

3- الفهم الذي يتضمنه الاستبصار قد لايظهر على نحو فجائي كما تصرح مدرسة الجشطلت , بل قد يكون هذا الفهم تدريجياً , أما الاستبصار الفجائي فالأجدر أن يسمى بالإلهام lnspiration أو الاشراق lllumination.

الوقائع التجريبية لنظرية الاستبصار :

قام كوهلر بعدة تجارب على بعض القردة العليا من فصيلة الشمبانزي وتتلخص التجارب في نوعين رئيسين هما :

1- تجربة العصي :

وتتلخص هذه التجربة بوضع قرد في قفص , ووضع موزة خارج القفص بعيداً عن متناول يده , بينما وضعت قريباً منه وفي متناول يده مجموعة من العصي , والمشكلة في هذه التجربة تتحدد ( هل استطاع الحيوان ادراك العلاقة بين العصي والوصول ال الطعام (الموز)) .

2- تجربة الصندوق :

وفقا للاجراءات السابقة نفسها , قام كوهلر بوضع موز في سقف القفص , ومجموعة صناديق داخل القفص ,وضمن المجال الادراكي للقرد , وتتحدد المشكلة : ( هل بأمكان القرد ادراك العلاقة بين وضع الصناديق فوق بعضها البعض والوصول الى الطعام ) . يمكن تحليل تجارب كوهلر تحليلآ تفصيلآ لتحديد خطوات التعلم بالاستبصار وهي :

· وجود دافع ( حافز ) وهو الطعام .
· وجودعائق , لقد وضع بين القرد والحصول على هدفه عائق , ففي تجربة العصا كان خارج القفص وفي تجربة الصناديق كان الارتفاع يجعله بعيداً عنه .
· يتضمن الموقف التجريبي امكانية حصول الاستجابات اللازمة للوصول الى الهدف.
· لدى الحيوان في الموقف التجريبي القدرة على تغيير استجاباته , وتنويعها وبحسب متطلبات الموقف التجريبي .

· هناك وقت من التردد عاشه الحيوان والتي حدثت كمدة من الهدوء قبل الوصول الى الاستبصار .
· توصل الحيوان الى هدفه بالحل الفجائي , اي عن طريق التعلم بالاستبصار وذلك بالانتقال السريع من المحاولات الخاطئة الى المحاولات الاكثر نجاحآ ثم الوصول الى الحل .

العوامل المؤثرة في التعلم بالاستبصار:

· أنه يتوقف على تنظيم المشكلة تنظيمآ خاصآ بحيث يسمح بإدراك العلاقات بين عناصرها المختلفة . فالقدرة على تنظيم الموقف التعليمي تنظيماً معيناً يكفل للفرد القدرة على ملاحظة مختلف عناصره كلها والربط بينها ممايساعد في سرعة التعلم .

· متى حدث التعلم بالاستبصار وتمكن الفرد من الوصول الى الحل الصحيح فانه يصبح بمقدوره القيام به في حالة تكرار الموقف ويختلف ذلك عن التعلم بالمحاولة والخطأ إذ أن التقدم في عملية التعلم بتلك الطريقة يكون تدريجياً.

· إذا ماحصل التعلم بالاستبصار للمرة الأولى فإن الفرد يستطيع تطبيق الحلول المتعلمة والانتفاع بها في مواقف اخرى جديدة , فالفرد هنا لايكتسب استجابات معينة كما هو الحال في التعلم بالمحاولة والخطأ . بل يدرك علاقات يمكن استغلالها والإفادة منها في مواقف اخرى .

· يتوقف هذا النوع من التعلم على مستوى قدرات الفرد العقلية ودرجة نضجه وكذلك خبراته السابقة .

قوانين التعلم:

اشار كوفكا في كتابه " مبادىء علم النفس الجشطلت" الى ان الأسس التي يعتمد عليها في تفسير الاستبصار هي نفسها الأسس التي يعتمد عليها في تفسير التعلم وهي :

1- قانون التنظيم او الشكل الجيد:

 وهو قانون ادراكي اساسي وفحواه ان التنظيم النفسي الأدراكي يميل إلى الاتجاه دوماً نحو صيغة اجمالية جيدة او شكل جيد نظراً لأن هذا الشكل يحصل بالبساطة والانتظام والثبات . وبذلك يصبح هذا القانون من قوانين التوازن التي لها اهميتها في (المجالات) ذات الخصائص الدينامية . وقد حدد كوفكا قانون التنظيم على النحو الاتي : من خصائص التعلم الجيد انه يتضمن البساطة , والدقة , والتناسق .

2- قانون التشابه:

 يعني هذا القانون بأن الاشياء المتشابهة أو المتماثلة تميل الى التجمع معاً في وحدة واحدة , فتظهر الخطوط المتشابهة مثلاً أو النقاط المتماثلة على أنها وحدة إدراكية فالعناصر المتشابهة يسهل تعلمها اكثر من العناصر غير المتشابهة . ويحدث الربط بين العناصر نتيجة للتفاعل بينهما , فمثلاً تظهر الخطوط المتشابهة او النقاط المتشابهة على انها وحدة ادراكية. 

3- قانون التقارب:

 أي ان تقارب الاشياء من بعضها مكانياً يساعد في ادراكها كمجموعة او مجموعات اذا رسمت مجموعة من الخطوط المتوازية وغير المنتظمة في بعدها فان ازواج الخطوط ذات الأبعاد القريبة الضيقة تدرك على انها مجموعات تقارب الاشياء زمانيآ أو مكانيآ يساعد على تذكرها والاحداث البعيدة اصعب في تذكرها من الاحداث القريبة .

4- قانون الإغلاق:

 الأشكال الكاملة أو المغلقة اكثر ثباتاً من الاشكال الناقصة أو المفتوحة لان هذه الأشكال تميل الى ان تكمل نفسها وتكون صيغة كلية في الادراك الحسي ويصدق هذا على التعلم حيث نجد انه طالما كان النشاط ناقصاً فان كل موقف يؤدي الى النشاط يصبح مرحلة انتقالية للمتعلم , كما أن الاشكال والمواقف غير المكتملة تولد التوتر .

5- قانون الاستمرار الجيد :

 مغزى هذا القانون أن تنظيم المجال الادراكي الحسي يميل الى ان يحدث على نحو يستمر فيه الخط المستقيم مستقيماً والدائرة دائرة وهكذا.

التطبيقات التربوية :

1- ابتكار طريقة جديدة في التعلم هي الطريقة الجُميلة التي تبدأ بتعليم الاطفال من الجملة وليس من الحرف وهذه الطريقة معمول بها في تعليم الاطفال اللغة الانكليزية وكذلك تعلم الاطفال القراءة العربية أي ان يبدأ الطفل بالجملة اولاُ ثم الكلمات ثم الحروف بدلآ من البدء بتعلم الحروف . أن الجمل والكلمات التي تبدأ بها الطفل تكون ذات معنى وذات أهمية في نظره أما الحروف المجردة فيصعب على الطفل إدراك معناها منفرداً .

2- يمكن الاستفادة من فكرة النظرة الكلية في حل المسائل الهندسية او التفكير في اي مشكلة حسابية بحصر المجال الكلي للمشكلة بحيث ينظر إليها مرة واحدة فهذا يساعد على إدراك العلاقات التي توصل الى الحل .

3- أن فكرة الكل يجب أن يسبق الاجزاء يمكن الاستفادة منها في تطبيق هذه الفكرة في خطوات عرض المشكلات التعليمية , فالمدرس الذي يلقي محاضرة على طلبته او أجابة عن سؤال يحسن دائماً البدء بتوضيح النظرة العامة للمشكلة في جملتها كأن يذكر أبرز النقاط الرئيسية التي ستدور حولها المحاضرة أو المناقشة او يجدد النقاط التي ستبحثها اجابة السؤال وبعد ذلك ينقل الى عرض جزئياتها واحداً بعد الاخر .

4- عندما ندرك صور فنية معينة فأن الكل يسبق الجزء فأن جمالها يتضح لونظرنا إليها في مجموعها العام كوحدة فقد لاتلمس مابينها من علاقات تؤثر في التكوين الجمالي للصورة لونظرنا اليها من خلال جزيئاتها أولاُ.



هناك تعليق واحد:

  1. شكرا على المقال الشيق و المفيد
    يسرنى تشريفكم فى مدونتى "مدونة علم النفس"
    ما هى مدرسة الجشطالت؟

    ردحذف