طرح الإشكالية :
مقدمة :
منذ أن شكل الانسان جماعات احتاج إلى التواصل و التفاهم و نقل حاجياتهم التي بدأت بيولوجية و بما أنها لا تملك أداة تواصل استعارتها من الطبيعة ومن الحيوان بانتقال الفرد إلى مرحلة "المفكر" ومع المرور الزمن ابتكر اللغة. اذ يعرف الفكر بأنه قدرات إبداعية عقلية في حركة ديناميكية مستمرة الإنتاج .
وتعّرف اللغة أنها مجموعة رموز و إشارات و أصوات وضعت بهدف التواصل إلا أن لالاند أضاف لها قدرة العقل على إنشائها فارتبطت بالعقل وهذا الارتباط جعل مدارس فلسفية تتناقض في طرحها وفي تفسيرها لطبيعة العلاقة بين الفكر و اللغة، ترى المدرسة العقلية (الاتجاه الثنائية) أن العلاقة بين الفكر واللغة تتجاوز اللغة و الفكر و أوسع منها بينما ترى مدرسة الاتجاه الأحادية أنهما يتطابقان واللغة تحتوي الفكر.فهل فعلا حقيقة الألفاظ قبور المعاني كما تعتقد المدرسة العقلية انه لا يوجد توحد بينهما ؟ أم أن الألفاظ حصون المعاني كما يعتقد الاتجاه الأحادي ؟
محاولة حل الإشكال :
عرض منطق الأطروحة :
الألفاظ قبور المعاني و يمثل هذه الأطروحة الاتجاه الأحادي لـ ديكارت و برغسون إذ يرى أن الفكر أوسع من اللغة وهو الذي أنشأها و إذا كان الفكر باللفظ يقيد الإبداع الذي يتميز به الفكر على اعتبار أن اللغة و اللفظ محدودة فكل لغة لها أبجدياتها محدودة إذ احتوت الفكر تغيره و تحد من دينامكيته.
الحجة :
كثير ما يحدث معنا أن نعجز على التعبير عن أفكارنا ونقول أن الفكرة بأذهاننا لكن لا نملك العبارات المناسبة التي توضح وإذا سألنا الأدباء كم استهلكوا من الأوراق لكتابة قصصهم و مؤلفاتهم سنجد أن الأوراق التي رمو بها أكثر من الأوراق التي كتبوا عليها معنى هذا أننا كلما نكتب يتضح لنا أن العبارة تضيق حدود المعنى وتجعل الفكرة التي في أذهاننا أوسع وأجمل مما نكتب فنمزق ما كتبناه.
اللفظ يفقد ذوقه و جمالياته ويجعله يصل إلى الغير بطريقة لا نريدها فقد يسيء فهمنا عندما يحد اللفظ المعنى و الفكرة.
النقد:
الفكرة التي تدور في أذهاننا و لا نجد العبارات اللازمة أو المناسبة لها ذلك ليس دليلا على أن الفكرة أوسع إنما يدل على قلة فقرنا للثروة اللغوية كلما اتسعت الثروة اللغوية اتسع التعبير عن أفكارنا وكلما قلة عجزنا على ذلك .
عرض نقيض الأطروحة :
الألفاظ حصون المعاني و يمثل هذه الأطروحة الاتجاه الأحادي و هي المدرسة اللسانية المعاصرة لـ دي سوسير و جوليا كريستيفا و ارنست كاسير، تعتبر أن اللغة اسبق من الفكر في الوجود و عندما بدأ الفكر في النشاط احتوته اللغة وأصبحت هي المعبر الوحيد عنه يضيق بضيقه ويتسع باتساعه ونفس الشيئ يقال عن اللغة.
الحجة :
يقول جوليا كريستيفا "اللغة جسم الفكر" .فإذا كان الفكر هو الروح فالروح بلا جسد مجرد شبح مختفي رغم وجوده كذلك الفكر بل اللغة مجرد تصورات ذهنية قد تكون أوهام ورغم وجوده لا يعرفه الغير و يقول دي سوسير "اللغة و الفكر وجهان لعملة واحدة فإذا مزقنا وجه من الأوجه للعملة يتمزق الوجه الآخر بالضرورة" ويقول ميرلو بنتي"الفكرة تأخذ من العبارة و العبارة ماهي الا وجود خارجي للفكر فإذا قرانا العبارة لا نقرا الأبجدية و إنما نقرأ الفكرة"وقد أكد جون بياجيه أن اللغة تساعد نمو الذكاء عند الطفل و بها يتعلم و يبتكر.
النقد :
الإنسان الأول استخدم الرسم كبديل للغة و رغم وجود اللغة بقي الرسم يؤدي الدور الذي تعجز عنه اللغة و هذا ما يؤكد أن اللغة عاجزة على احتواء الفكر.
التركيب :
نستنتج أن اللغة استخدمت قبل الفكر كوسيلة بيولوجية ضيقة قلد فيها الإنسان الطبيعة مساوية للغة الحيوان كتعبير مجازي ثنائية اللغة و الفكر أو أحاديتهما تتحكم في ما نملكه من ثروة لغوية فإذا كانت لغتنا غنية سهل علينا وضع معالم للفكرة وأوصلنا إلى الغير بسهولة ،أما إذا افتقرنا إلى الثروة اللغوية عجزنا على إيصال الفكرة إلى الغير نجد في المقابل اللغة الرسم المسرح النحت الإيماء ما يسمى بالمنولوغ، وكل الوسائل تغيرية تعوض اللغة بالإضافة للرموز و الإشارات و تغير ملامح الوجه مما يدل على عجز اللغة على احتواء الفكر.
حل الإشكالية :
يقال : "إن أروع الأشعار التي لم تكتب بعد" كما أن الرسم و المسرح و كل الأدوات التعبيرية الأخرى التي تتواجد الآن مع اللغة و كل النغمات الموسيقية التي تعود في ألبوم مقابل اللغة تدل على ما يملكه الإنسان من أفكار و مشاعر و رغبات تتجاوز حدود اللغة لهذا نقول لا يوجد الفكر خارج اللفظ و الموسيقى و الرسم و كل الفنون هي إبداع عقلي احتاجه في نهاية لفظ فالرسام يشرح معاني لوحته بلفظ و الموسيقي احتاج إلى مغني و إلى ملحن إي إلى اللفظ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق