مفهوم الاحساس والادراك :
الإحساس :
الإدراك :
عوامل الإدراك :
ـــ العوامل الذاتية: E.Subjectives
الخبرة و الذاكرة:
إننا ندرك الأشياء في ضوء ما خبرنا وما مر بنا من تجارب ، ويترتب على ذلك أنه كلما كانت الأشياء التي ندركها في الوقت الراهن تقع في إطار خبرتنا السابقة يسهل علينا إدراكها من تلك التي لم تقع في نطاق خبرتنا السابقة ، أي التي لم نمر بها من قبل فهم يقولون " إننا ندرك بذاكرتنا " مثلا عندما ندخل قسما و نرى معادلات في السبورة ندرك أنه درس رياضيات لمعرفتنا السابقة بهذه المادة أما الجاهل بهذه المادة يرى ما نرى لكنه لا يدرك ما ندرك يقول الفيلسوف الفرنسي ديكارت "أنا أدرك بمحض ما في ذهني من قوة الحكم ما كنت أحسب أني أراه بعيني".
الميول والرغبات :
الإنسان يدرك بسهولة الأمور التي تتفق مع ميوله ورغباته وأما الأشياء التي تتعارض مع ميوله فلا يدركها إلا بصعوبة أو يدركها إدراكا مشوها فرؤية الفنان إلى الطبيعة تنصب على الألوان والأضواء ومدى تناسبها ، أما القائد العسكري يراها إن كانت تصلح لإعداد خطة حربية معينة ،و المهندس يراها منطقة ملائمة لبناء سكنات ومرافق رياضية والفلاح بدوره يرى فيها حقول من كل أنواع الخضر والفواكه ،وهكذا يتأثر الإدراك بالميول والاهتمامات الخاصة.
الشعور والحالة النفسية :
أن إدراكنا للعالم الخارجي لا يكون ثابتا ، بل متغيرا حسب حالتنا الانفعالية ففي الحزن نرى العالم كئيبا اسودا ، و في الفرح نراه جميلا ملونا ، و في الخوف نراه مرعبا و هكذا..، و أما الأشياء التي لا تثير انفعالاتنا تبقى خارجة عن ساحة الإدراك يقول ميرلوبونتي " العالم ما اعيشه وأحياه"
العاطفة:
أثر العاطفة يتضح في أن الشخص الذي نحبه مثلا لا ندرك فيه إلا المحاسن ، أما الشخص الذي نكرهه لا نرى فيه إلا المساوئ ،فنظرة الأم إلى ابنها تختلف كل الاختلاف عن نظرة الغير له نظرا لميلها العاطفي نحوه.
الإرادة والتركيز:
كثير من الأمور لا تدرك بسهولة ،وتحتاج حينئذ للإرادة ، وتركيز الوعي نحو الموضوع ، من اجل معرفة تفاصيله ، كالطبيب الذي يفحص المريض من اجل تشخيص المرض ،أو الميكانيكي الذي يريد معرفة العطب الموجود في السيارة...
العادة :
الإدراك راجع إلى دور العادة فنحن ندرك الأشياء حسب ما تعودنا عليه، ويرى بيرلو " من خلال تجاربه على أطفال عرب أن إدراك الأشياء يكون من اليمين إلى اليسار، وغير العرب يكون من اليسار إلى اليمين.
ـــ العوامل الموضوعية : E. Objectives
قانون الانتظام :
إن العناصر الجزئية لما تنتظم تكون صور كلية فيكون إدراكنا للكل دائما أسبق ، و أن الجزء لا يكتسب معناه إلا في إطار الكل . مثال كلمتي... باب،أب ...، ندركهم كمعني وليس كحروف منفصلة .فنحن ندرك صورة الشجرة قبل الأغصان و الأوراق ، و صورة الوجه قبل العين و الأنف ، و صورة القسم قبل الطاولة و مكان التلميذ ، و كلما تغير انتظام الأجزاء تغير معه الإدراك مثل تغير ملامح الوجه أثناء الفرح و الحزن والغضب ، وأمثلة أخرى تؤكد ذلك فعندما يرتدي شخص ما قميص به خطوط الطول يظهر أكثر طولا من ارتدائه لقميص به خطوط العرض و في تصفيف الشعر مثلا نرى الوجه يكبر تارة و يصغر تارة أخرى حسب طريقة التصفيف. فإدراكنا للعام الخارجي يتوقف على الموضوع المدرك لا على الذات المدركة.
قانون البروز:
إن الصور التي تكون بارزة أولى بالإدراك من غيرها ، و كل ذلك يتوقف على إن الصور التي تكون بارزة أولى بالإدراك من غيرها ، و كل ذلك يتوقف على طبيعة الأرضية أو المجال الخلفي ، فنحن لا ندرك قطعة من القطن فوق الثلج ، لتشابه اللونين ، وإن الجندي المختفي في الغابة الذي يرتدي اللون الأخضر ندركه كجزء من الغابة ،ونلاحظ أن بعض الحيوانات تستعمل هذا القانون بطريقة غريزية مثل الحرباء التي تغير لونها حسب محيطها فتختفي عن أنظار أعدائها.
قانون التقارب:
إن الأشياء المتجاورة أو المتقاربة في الزمان و المكان ندركها كصيغ مستقلة ، بخلاف الأشياء المتباعدة . فنحن ندرك النقاط التالية مثى مثنى .. .. .. ..قانون التشابه :
إن الأشياء المتشابهة في الحجم و الشكل و اللون نميل الى إدراكها كصيغ 000 +++ ، فالإنسان يدرك أرقام +++ متميزة عن غيرها مثل إدراك الإشارات التالية 000 الهاتف بسهولة إذا كانت متشابه.
قانون الانغلاق :
تميل المساحات المغلقة إلى تكوين وحدات معرفية بشكل أيسر من المساحات المفتوحة ونحن نسعى إلى غلق الأشكال غير المتكاملة للوصول إلى حالة الاستقرار الإدراكي.اضافة الي عوامل موضوعية اخري منها :
الحركة :
لأنها تُوَلدُ الانتباه، فنحن ندرك الجسم المتحرك قبل الساكن كأن تتجه أنظارنا نحو الشهاب بدل النجوم الثابتة .الإضاءة:
التي تجعل الصور أكثر وضوحا وبروزا و قابلة للإدراك ،أما في الظلام تنعدم الرؤية ويكون الإدراك مستحيلا.البيئة :
إن إدراك الإنسان يتشكل حسب المعايير التي حددتها البيئة الاجتماعية التي ينتمي إليها ،فالبدو لا يدركون الأشياء كما يدركها الحضر ،فكل بيئة لها خصائص تنعكس على أذهان أبنائها ،و لهذا كانت التربية التي يتلقاها الفرد من أسرته و مجتمعه عاملا أساسيا في تحديد مجال إدراكه.طبيعة العلاقة بين الإحساس و الإدراك:
ـــ علاقة الانفصال : التمييز بين الإحساس و الإدراك :
النظرية العقلية :
يرى أنصار الترعة العقلية أمثال الفرنسيان ديكارت و ألان و الفيلسوف الايرلندي باركلي والألماني كانط ، إن الإدراك عملية عقلية ذاتية لا دخل للموضوع المدرك فيها ، حيث إن إدراك الشيء ذي أبعاد يتم بواسطة أحكام عقلية نصدرها عند تفسير المعطيات الحسية ، لذلك فالإدراك نشاط عقلي تساهم فيه عمليات و وظائف عقلية عليا من تذكر وتخيل وذكاء وذاكرة وكذا دور الخبرة السابقة ، ومعنى هذا إن أنصار النظرية العقلية يميزون تمييزا قاطعا بين الإحساس و الإدراك.الحجج :
يفصح ديكارت عن رؤياه العقلانية بتصريحه أن الإحساس حادثة فيزيولوجية بسيطة أو معرفة أولية مباشرة بينما الإدراك حادثة نفسية معقدة تنطوي على إحساسات مختلفة و عمليات عقلية متعددة من تذكر و تخيل و تأمل و غيرها لذا يقول :" لا بد من التسليم بأنه ليس من مقدوري أن أدرك بالخيال ماهية هذه القطعة من الشمع ، و إنما الذي يدركها ذهني وحده ...و إذن فأنا أدرك بما في ذهني من قوة الحكم ما كنت أحسب أني أراه بعيني " ويؤكد ذلك ، ما ذهب إليه ( ألان ) في إدراك المكعب ، فنحن عندما نرى الشكل نحكم عليه مباشرة بأنه مكعب ، بالرغم أننا لا نرى إلا ثلاثة أوجه وتسعة أضلاع ، في حين إن للمكعب ستة وجوه و أثنى عشرة ضلعا ، لأننا نعلم عن طريق الخبرة السابقة أننا إذا أدرنا المكعب فسنرى الأوجه و الأضلاع التي لا نراه الآن ، ونحكم الآن بوجودها ، لذلك فإدراك المكعب لا يخضع لمعطيات الحواس ، بل لنشاط الذهن و أحكامه ، ولولا هذا الحكم العقلي لا يمكننا الوصول إلى معرفة المكعب من مجرد الإحساسويؤكد ( باركلي )، أن الأكمه ( الأعمى ) إذا استعاد بصره بعد عملية جراحية فستبدو له الأشياء لاصقة بعينيه ويخطئ في تقدير المسافات و الأبعاد ، لأنه ليس لديه فكرة ذهنية أو خبرة مسبقة بالمسافات و الأبعاد .
وحالة الأكمه تماثل حالة الصبي في مرحلة اللاتمايز ، فلا يميز بين يديه والعالم الخارجي ، ويمد يديه لتناول الأشياء البعيدة ، لأنه يخطئ – أيضا – في تقدير المسافات لانعدام الخبرة السابقة لديه.
أما ( كانط ) فيؤكد أن العين لا تنقل نتيجة الإحساس إلا بعدين من الأبعاد هما الطول والعرض عند رؤية صورة آو منظر مثلا ، ورغم ذلك ندرك بعدا ثالثا وهو العمق إدراكا عقليا ، فالعمق كبعد ليس معطى حسي بل حكم عقلي.
هذا ، وتؤكد الملاحظة البسيطة والتجربة الخاصة ، إننا نحكم على الأشياء على حقيقتها وليس حسب ما تنقله لنا الحواس ، فندرك مثلا العصا في بركة ماء مستقيمة رغم أن الإحساس البصري ينقلها لنا منكسرة ، و يبدي لنا الإحساس الشمس ونأنها كرة صغيرة و نحكم عليها ــ برغم ذلك ــ انها أكبر من الأرض.
كما تتدخل في عملية الإدراك جملة من العوامل المتعلقة بالذات المٌدرِكة ؛ منها عمل التوقع ، حيث ندرك الموضوعات كما نتوقع أن تكون وحينما يغيب هذا العامل يصعب علينا إدراك الموضوع ، فقد يحدث مثلا أن نرى إنسانا نعرفه لكننا لا ندركه بسهولة ، لأننا لم نتوقع الالتقاء به . وللاهتمام والرغبة والميل دروا هاما في الإدراك ، فالموضوعات التي نهتم بها ونرغب فيها و نميل إليها يسهل علينا إدراكها أكثر من تلك البعيدة عن اهتماماتنا ورغباتنا و ميولاتنا . كما أن للتعود دورا لا يقل عن دور العوامل السابقة ، فالعربي مثلا في الغالب يدرك الأشياء من اليمين إلى اليسار لتعوده على الكتابة بهذا الشكل ولتعوده على البدء دائما من اليمين ، بعكس الأوربي الذي يدرك من اليسار إلى اليمين . ثم انه لا يمكن تجاهل عاملي السن والمستوى الثقافي والتعليمي ، فإدراك الراشد للأشياء يختلف عن إدراك الصبي لها ، وإدراك المتعلم أو المثقف يختلف بطبيعة الحال عن إدراك الجاهل . وفي الأخير يتأثر الإدراك بالحالة النفسية الدائمة أو المؤقتة ، فإدراك الشخص المتفاءل لموضوع ما يختلف عن إدراك المتشائم له.
النظرية الحسية :
هذه النظرية أيضا تميز بين الإحساس و الإدراك و لكن تعطي الأولوية للإحساس كمصدر رئيس لحصول المعرفة ويمثلها أنصار المذهب التجريبي من بينهم ابن سينا ، جون لوك ، دافيدهيوم متفقين على أن الحواس هي الطريق الأول الذي يستطيع من خلاله الإنسان إدراك العالم الخارجي وقد اعتمدوا في موقفهم هذا على عدة حجج أهمها:إن الطفل عند ولادته لا ينطوي على معارف فهو يبدأ في تحصيلها بعديا شيئا فشيئا بواسطة خبرته المسبقة ،حيث يري ابن سينا أن إدراك الأشياء الخارجية يحصل بفعل الأعضاء الحسية والإحساس عنده هو " قبول صورة الشيء مجرد من مادته فيتصورها الحاس " و بالتالي فالإدراك الحسي عند ابن سينا يتمثل في المعاني التي انطبعت في الذهن بفعل الحواس ، أما جون لوك فيتفق مع ابن سينا حين يري ان عضاء الحس هي التي تنقل إلى الذهن الانطباعات الحسية ، وهذا يعني إن إدراكنا للأشياء الخارجية متوقف على صفاتها وكيفياتها الحسية وهنا يقول ( جون لوك):" ان إدراكنا للموضوعات الحسية يتم بناء على الصفات الحسية الموجودة في حواسنا بالرغم من وجود هذه المحسوسات منفصلة و غير مترابطة ويضيف "... لنفرض أن العقل صفحة بيضاء خالية من جميع الصفات ، فكيف يمكن أن يكتسب الإنسان ذلك ؟ إني أجيب عن هذا السؤال بكلمة واحدة : من التجربة "
أما دافيد هيوم فيضيف فكرة التمييز بين الأفكار البسيطة و الأفكار المركبة حيث يرى أن الأفكار المركبة هي التي ينتجها الفكر البشري ، أما البسيطة هي التي يتوصل إليها عن طريق التجربة وبالتالي فأصل الأفكار حسي .
ـــ علاقة الاتصال : علم النفس الحديث لا يميز بينهما : النظرية الجشطالتية والنظرية الظواهرية
النظرية الجشطالتية : يرفض الجشتالت التمييز بين مفهومي الإحساس والإدراك
و يناقشون التصور الذهني بوجه خاص في نقاط نلخصها في ثلاث : المسافة ، أخطاء الإدراك ،و الإدراك ليس مجموعة إحساسات فبالنسبة للمسافة نحن لا نحكم على الشيء أنه بسبب حجمه ولكن كما يتقدم لنا في أعماقه الخاصة .وإذا كان الأمر لا يتم بعد الولادة دفعة واحدة فهذا لا يقيم الدليل على أن إدراك المسافات يفترض تدريبا كما بل ربما يفترض نضج الجهاز العصبي فحسب ، أما عن النقطة الثانية فإن الشكل العام هو الذي يحدد الخطأ الإدراكي لأن ما ندركه متوقف على السياق أي الوضع العام ثالثا من الحجج التي تثبت أن الإدراك ليس مجموعة إحساسات جزئية و لا تأويلا عقليا ظاهرة الخداع الحركي و هي عبارة عن إدراك حركة في مكان لا توجد فيه أشياء تتحرك في الأصل . مثال الرسوم المتحركة هي في الأصل صور ثابتة تظهر لنا متحركة بواسطة سرعة آلة عرض الأفلام لذلك عللت النظرية الجشطالتية شكل الإدراك بالعوامل الموضوعية أي أن الصيغ الخارجية هي التي تفرض قوانينها علينا و يؤثر على إدراكنا.
و من بين الأدلة التي تثبت أن الإحساس والإدراك شيء واحد : أولا إننا ندرك الشكل و لا ندرك عناصره الجزئية فالأنغام الموسيقية لا قيمة لها إلا في تواصلها ثانيا إن إدراك الشكل يغير العناصر ، أي أن العناصر تكون مختلفة تبعا للشكل الذي تنتمي إليه .
ثالثا إن تغيير عنصر ما يؤدي إلى تغيير الشكل بأتمه لذا يقول بول غيوم "أن الجزء في كل هو شيء مختلف عنه نفسه معزولا أو في كل آخر"
النظرية الظواهرية :
و حسب النظرية الظواهرية من ظاهرة .Phénomène. يجب الاكتفاء بوصف "ما يظهر" أي المظهر المعاش دون الاعتماد على فروض و نظريات و دون التمييز بين الإحساس والإدراك يقول ميرلوبونتي " إن العالم الموضوعي هو نتاج متأخر لشعورنا وأن الشيء الأول هو إدراكنا أو إن شئت ،إن الإحساس بالمفهوم التقليدي هو أثر متأخر يصدر عن الفكر و هو يتجه نحو الأشياء " كما ترى الظواهرية أن الإدراك هو امتلاك المعنى الداخلي في المحسوسات قبل إصدار أي حكم و تأويلا للإحساس وهذا معناه أن الحكم ليس سوى التعبير الاختياري عن الإدراك . والعالم الموضوعي ليس ما أفكر فيه و إنما هو العالم الذي أحياه .إنني متفتح لكل ما يجري فيه بلا شك و اتصالي به مباشرة .
إذن الظواهرية تفسر الإدراك انطلاقا من العوامل النفسية كالشعور و العاطفة و الإرادة يسميها ايدموند هورسل E. Husserl بفعل الادراك و ما يؤكد ذلك أن إدراكنا للعالم الخارجي لا يكون ثابتا ، بل متغيرا حسب حالتنا النفسية ، ففي الحزن نرى العالم كئيبا اسودا ، و في الفرح نراه جميلا ملونا ، و في الخوف نراه مرعبا و هكذا ...، وأثر العاطفة يتضح في أن الشخص الذي نحبه مثلا لا ندرك فيه إلا المحاسن ، أما الشخص الذي نكرهه لا نرى فيه إلا المساوئ ، و يتجلى دور الإرادة في توجيه الوعي نحو الموضوع المدرك لأن الأشياء التي لا نهتم بها و لا تثير انفعالاتنا تبقى خارجة عن ساحة الإدراك ، وينفي ميرلوبونتي Merleau-Ponty أن تكون الاشياء الخارجية موضوعا للاحساس او العقل ،بل هي موضوع للشعور والمعاناة والحياة ،فلا خوف بدون شيئ مخيف ،ولا ولا حزن بدون شيئ محزن ،اذن كل ادراك يدل علي العلاقة بين الذات المدركة والموضوع المدرك .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق