-->

أحدث المواضيع

2020-12-24

الـفـرق بـيـن الانـفـعـال والـهـيـجـان والـعـاطـفـة ؟

الـفـرق بـيـن الانـفـعـال والـهـيـجـان والـعـاطـفـة ؟
                                               

الـفـرق بـيـن الانـفـعـال والـهـيـجـان والـعـاطـفـة ؟

 تعريف الإنـفـعـال :

لـفـظ عـام يـشـمـل الـحـسـاسـيـة والـلـذة والألـم، والـهـيـجـان والـعـاطـفـة والـهـوى والـمـيـل.

تعريف الـهـيـجـان:

 هو نـوع مـن الإنـفـعـال يـتـمـيـز بـالـحـدّة والـشـدة والـفـجـائـيـة وسـرعـة الـتـغـيـر كـالـغـضـب الـشـديـد مـثـلا.

 تعريف الـعـاطفـة :

هـي نـوع مـن الإنـفـعـال يـتـمـيـز بـالـثـبـات الـنـسـبـي والـتـعـقـد والـهـدوء وتـحـدّد الـمـوضـوع الـذي تـتـجـه إلـيـه شـخـصـا كـان أو فـكـرة أو شـيـئـا كـمـا هـو، الـحـال فـي الـعـواطـف الـديـنـيـة والإجـتـمـاعـيـة والـخـلـقـيـة.

عـنـدمـا يـدغـدغـك أحـدهـم تـنـفـعـل إنـفـعـالا خـاصـا هـو ( الـفـرح ) ويـكـون مـصـحـوبـا بـالـضـحـك وبـحـركـات جـسـمـيـة مـضـطـربـة، وعـنـدمـا يـصـوب لـك أحـدهـم لـكـمـة عـلـى الـوجـه تـشـعـر بـتـغـيـرات فـي أحـوالـك الـنـفـسـيـة وفـي أعـضـاء جـسـمـك تـدفـعـك إلـى الـغـضـب والـهـجـوم عـلـى الـفـاعـل، وهـكـذا فـي الـحـزن والـغـيـرة، والـكـراهـيـة والـقـلـق، وفـي الـشـعـور بـالـسـعـادة تـجـد نـفـسـك تـشـعـر بـشـعـور خـاص لـم تـكـن تـشـعـره مـن قـبـل، وهـو شـعـور مـصـحـوب بـاضـطـرابـات وفـوضى فـي الـسـلـوك والـتـفـكـيـر. فـمـا الـذي يـجـعـلـنـا نـنـفـعـل؟

- إذا حـدث الانـفـعـال يـكـون دلـيـلا عـلـى أن الـتـوافـق الـمـطـلـوب بـيـن الـكـائـن الـحـي وبـيــئــتـه قـد أصـبـح مـهـددًا بـسـبـب مـا يـعـتـري الـمـوقـف الـراهـن مـن تـغـيـيـر فـجـائـي أو صـعـوبـة لـم تـكـن مـتـوقـعـة، فـتـعـجـز الأفـعـال الآلـيـة الـغـريـزيـة كـانـت أو تـعـوديـة مـكـتـسـبـة عـن مـواجـهـة هـذا الـتـغـيـر الـمـفـاجـئ، أو الـصـعـوبـة الـقـائـمـة ويـعـجـز الـفـكـر بـدوره مـن إيـجـاد حـل سـريـع لـلـمـوقـف.

- ونـسـتـخـلـص مـمـا سـبـق أن الإنـسـان يـنـفـعـل حـيـن يـثـار أحـد دوافـعـه إثـارة عـنـيـفـة، كـأن يـهـجـم عـلـيـه حـيـوان مـفـتـرس فـجـأة. أوحـيـن يـعـاق أحـد دوافـعـه الأسـاسـيـة فـيـتـعـطـل عـن بـلـوغ هـدفـه كـالـذي يـعـجـز عـن حـل تـمـريـن فـي الـحـسـاب أو عـن فـهـم درس مـعـيـن فـيـغـضـب. أو عـنـد تـرضـيـة بـعـض حـاجـاتـه ومـيـولـه بـصـورة فـجـائـيـة لـم يـتـوقـعـهـا كـمـن يـنـتـظـر الـرسـوب فـي الإمـتـحـان لـكـنـه يـنـجـح أو الـعـكـس.

الإشـكـالـيـة : مـا أثـر الإنـفـعـال فـي الـسـلـوك ؟

للإجـابـة عـن هـذا الـسـؤال لابـد مـن ضـبـط مـفـهـوم الإنـفـعـال ومـعـرفـة اشـكـالـه وطـبـيـعـتـه ؟

1 – ضـبـط مـفـهـوم الإنـفـعـال :

إن الإنـفـعـال مـثـل الـفـرح - الـحـزن - الـغـضـب - الـقـلـق - الـدهـشـة - الـخـوف - الـكـآبـة - ذعـر - غـيـض - أمـل - طـمـوح - تـلـذذ - تـأمـل... كـلـهـا حـالات سـلـوكـيـة تـحـدث نـتـيـجـة إخـتـلال الـنـشـاط وفـقـدان الـتـوازن، وتـتـسـم بـالـفـجـائـيـة والإضـطـراب.

فـما هو الـتعـريف الـذي يـنـطـبـق عـلـيـهـا غـيـرهـا مـن الإنـفـعـالات الآخرى ؟

إن كـلـمـة إنـفـعـال Emotion - تـشـيـر إلـى تـلـك الأحـوال الـنـفـسـيـة والـجـسـمـيـة بـالـتـوتـر والإضـطـراب فـي الـحـركـات والأفـكـار والـعـواطـف... وهـو ظـاهـرة نـفـسـيـة ذهـنـيـة جـسـمـيـة. ولـذلـك قـيـل فـي تـعـريـفـه : " الإنـفـعـال اضـطـراب يـعـم الـنـفـس والـجـسـم مـعـًا " وقـيـل " الإنـفـعـال اضـطـراب يـصـيـب الـفـرد بـكـامـلـه أسـاسـه نـفـسـي ويـشـمـل الـسـلـوك والـمـيـزة الـشـعـوريـة والـوظـائـف الـحـشـويـة ". 

نـسـتـنـتـج مـن هـذا الـتـعـريـف أن الإنـفـعـال يـتـمـيـز بـكـونـه لـفـظ عـام يـشـمـل الـحـسـاسـيـة، والـلـذة والألـم، والـهـيـجـان والـعـاطـفـة والـهـوى... وهـو ظـاهـرة نـفـسـيـة يـنـتـقـل فـيـهـا الـكـائـن الـحـي مـن حـالـة طـبـيـعـيـة إلـى حـالـة غـيـر طـبـيـعـيـة مـضـطـربـة، وهـوظـاهـرة تـعـم الـنـفـس والـجـسـم وتـغـمـر الـوظـائـف الـنـفـسـيـة والـحـركـات الـجـسـمـيـة فـي جـمـيـع نـواحـيـهـا وهـو: إسـتـجـابـة تـسـعـى إلـى تـحـقـيـق تـكـيـف الـكـائـن الـحـي مـع مـحـيـطـه، ويـعـتـبـر حـالـة خـاصـة تـتـلـون بـطـبـيـعـة الـكـائـن الـحـي الـمـنـفـعـل وثـقـافـتـه. لـكـن الإنـفـعـال لايـحـدث إلا إذا تـوفـرت ثـلاثـة شـروط هـي :

شروط حدوث الانفعال :

أولا : الـمـنـبـه وهـو امـا داخـلـي مـثـل إسـتـعـادة الـذكـريـات أو خـارجـي كـحـدوث إنـفـجـار فـجـأة.
ثـانـيـا : وجـود كـائـن حـي مـنـفـعـل : وحـالاتـه الـراهـنـة مـن تـوتـر أو إرتـخـاء، أو إسـتـعـداد أو عـدمـه.
ثـالـثـا : الإسـتـجـابـة :وهـي الـكـيـفـيـة الـتـي يـسـتـجـيـب بـهـا الـكـائـن الـحـي لـلـمـنـبـه.

2 - أشـكـال الإنـفـعـال :

إن الإنـفـعـال إسـتـجـابـة تـكـيـفـيـة مـصـحـوبـة بـلـذات وآلام فـالـلـذة والألـم هـمـا الـمـظـهـران الأولـيـان، إنـهـمـا إنـفـعـالان بـسـيـطـان أولـيـان لايـمـكـن تـعـريـفـهـمـا لـكـن الـلـذة عـبـارة عـن إنـفـعـال بـسـيـط مـطـلـوب ومـسـتـحـب ويـنـشـأ عـن الـفـعـل الـمـوافـق لـطـبـيـعـة الـكـائـن الـحـي، والألـم إنـفـعـال بـسـيـط مـزعـج يـنـشـأ عـن الـفـعـل الـمـضـاد لـطـبـيـعـة الـكـائـن الـحـي والـلـذة والألـم قـد يـكـونـان جـسـمـيـيـن تـسـبـبـهـا الإثـارات الـحـسـيـة الـتـي يـمـكـن تـحـديـد مـكـانـهـا فـي الـجـسـم كـالـدغـدغـة مـثـلا، أو نـفـسـيـيـن تـسـبـبـهـا الإدراكـات الـعـقـلـيـة لـمـواقـف الارتـيـاح وعـدم الإرتـيـاح كـمـواقـف الـنـجـاح والإخـفـاق. ولـكـن إذا جـاء الإنـفـعـال عـنـيـفًـا نـاتـجـا عـن الـصـدمـات الـمـفـاجـئـة الـشـديـدة سـمـي ( هـيـجـانـا )، وإذا جـاء هـادئـا بـطـيـئـا مـسـتـديـمـا سـمـي ( عـاطـفـة ) فـمـا الـهـيـجـان ؟ ومـا الـعـاطـفـة ؟

أ - الـعـاطـفـة :

الـعـاطـفـة كـلـمـة تــعـنـي فـي الـلـغـة الـعـربـيـة : الـشـفـقـة والـحـنـو، ثـم أطـلـقـت عـلـى جـمـيـع مـظـاهـر الـحـب والـكـراهـيـة، وأصـبـحـت تـفـيـد مـعـنـى الـمـيـل والإتـجـاه، وتـتـابـع حـلـقـات الـفـعـل، أمـا فـي عـلـم الـنـفـس. فـالـعـاطـفـة حـالـة إنـفـعـالـيـة مـسـتـديـمـة وثـابـتـة وغـيـر عـنـيـفـة.

أنـواع الـعـواطـف :

هـنـاك عـواطـف مـتـبـادلـة بـيـن الأفـراد كـالـشـفـقـة والـمـحـبـة والـغـيـرة والـحـسـد والـكـراهـيـة ... وآخـرى إجـتـمـاعـيـة مـثـل تـلـك الـمـتـبـادلـة بـيـن الآبـاء والأبـنـاء، أو بـيـن الـعـمـال وأعـمـالـهـم أو مـهـنـهـم، ومـثـل الـعـواطـف الـوطـنـيـة وأخـيـرًا هـنـاك عـواطـف شـخـصـيـة مـثـل الـكـرامـة، والـعـزة، والأنـانـيـة، والـخـجـل والـحـيـاء والـريـاء، والـيـأس والـرجـاء...

غـيـر أنـنـا نـلاحـظ أنـه لاتـوجـد عـاطـفـة خـالـصـة فـكـل عـاطـفـة تـحـمـل فـي ثـنـايـاهـا بـذور الـعـاطـفـة الـمـنـاقـضـة لـهـا. فـالـحـب مـمـزوج دائـمـا بـشـيـئ مـن الـكـره والـعـكـس.

ب - الـهـيـجـان :

الـهـيـجـان هـو ذاك الإنـفـعـال الـنـاتـج عـن الـصـدمـات الـعـنـيـفـة الـمـفـاجـئـة مـثـل الـغـضـب والـخـوف الـشـديـديـن، ويـتـمـيـز بـالـشـدة والـعـنـف والإضـطـراب، وسـرعـة الـظـهـور والاخـتـفـاء والـتـقـلـب مـن الـنـقـيـض إلـى الـنـقـيـض كـمـا يـحـدث فـي تـصـرفـات الـمـتـفـرجـيـن عـلـى مـقـابـلـة ريـاضـيـة فـي الـمـلـعـب ،وعـرف بـأنـه " إنـفـعـال عـنـيـف غـيـر مـسـتـديـم إذا إشـتـد إضـطـربـت مـعـه الـتـصـورات الـذهـنـيـة واخـتـل الـتـوازن الـعـضـوي، وانـعـدم الـتـكـيـف بـيـن الـكـائـن الـحـي وبـيـئـتـه الـخـارجـيـة ". وقـد عـرفـه ريبــو Alexandre Ribotبـقـولـه " هـو صـدمـة مـفـاجـئـة شـديـدة يـغـلـب فـيـهـا الـعـنـف وتـكـون مـصـحـوبـة بـازديـاد الـحـركـات أو إنـقـطـاعـهـا كـالـحـب والـغـضـب ورعـشـة الـحـب الـمـفـاجـئ ". ونـسـأل مـا عـلاقـة الـمـظـاهـر الـهـيـجـانـيـة بـالـمـيـزة الـهـيـجـانـيـة ؟ أو مـاهـو أصـل الـهـيـجـان. أهـو الـجـسـم ؟ أم الـنـفـس ؟ أم شـيـئ آخـر ؟

3 - طـبـيـعـيـة الـهـيـجـان :

أولا : الـنـظـريـة الـذهـنـيـة :

يـعـتـبـر أصـحـاب هـذه الـنـظـريـة أن الـهـيـجـان مـتـولـد مـن الـفـاعـلـيـة الـذهـنـيـة ( ديـكـارت - هـربـارت - نـاهـلـوفـسـكـي ) فـالـهـيـجـان عـنـدهـم عـبـارة عـن شـعـور بـازديـاد فـاعـلـيـة الـنـفـس الـحـيـويـة أو بـتـنـاقـصـهـا. فـنـحـن إن وضـعـنـا مـشـروعًـا ونـجـح وفـق تـصـوراتـنـا لـه غـمـرنـا الـفـرح والـسـرور، وإن فـشـل أوجـاءت نـتـائـجـه عـلـى خـلاف مـاكـنـا نـنـتـظـر اسـتـولـى عـلـيـنـا الـقـلـق والـحـزن.

أمـا عـمـلـيـة الـهـيـجـان عـنـدهـم فـتـتـم كـمـا يـلـي : الإحـسـاس بـالـمـنـبـة ثـم الادراك ثـم الـهـيـجـان فـي الأخـيـر. فـعـنـدمـا نـرى أسـدًا مـثـلا فـي الـشـارع فـإنـنـا نـنـتـبـه أولا الـخـطـر الـذي يـمـثـلـه وبـعـد ذلـك نـخـاف أي نـنـفـعـل ثـم نـهـرب.

مـنـاقــشــة :
تـقـوم هـذه الـنـظـريـة عـلـى إعـتـبـار الـجـسـم مـجـرد آلـة، والـنـفـس هـي مـصـدر جـمـيـع الأفـعـال. لـكـنـنـا لا نـسـتـطـيـع فـهـم الـحـوادث الـنـفـسـيـة إذا كـانـت مـسـتـقـلـة عـن شـروطـهـا الـفـيـزيـولـوجـيـة، ثـم مـاذا يـقـول أصـحـاب هـذه الـنـظـريـة فـي عـدم إتـفـاق الـنـاس فـي إنـفـعـالاتـهـم فـي الـمـواقـف الـمـتـمـاثـلـة، ألا نـلاحـظ مـثـلا. أن بـعـض الـنـاس يـثـيـرهـم الـسـب والـشـتـم فـي حـيـن يـواجـهـه الـبـعـض الآخـر بـبـرودة أعـصـاب ومـاذا يـقـولـون فـي الانـفـعـالات أو الـهـيـجـانـات الـنـاتـجـة عـن دوافـع لاشـعـوريـة.

ثـانـيـا : الـنـظـريـة الـفـيـزيـولـوجـيـة :

رد كـل مـن ( ولـيـم جـيـمـس ). ( ولانـج ) الـهـيـجـان إلـى الـنـشـاط الـفـيـزيـولـوجـي لا إلـى الـعـقـل يـقـول جـيـمـس " إن نـظـريـتـي هـي أن الـتـغـيـرات الـجـسـديـة تـتـلـو مـبـاشـرة ادراك الـحـقـيـقـة الـمـثـيـرة وأن شـعـورنـا بـهـذه الـتـغـيـرات هـي الـتـي تـحـدث الـهـيـجـان ".

وهـذا يـعـنـي أن الـهـيـجـان يـعـود إلـى الـشـعـور بـمـا يـحـدث فـي الـجـسـم مـن تـغـيـرات ولـيـس إلـى الـحـكـم الـعـقـلـي فـالـخـوف يـحـدث نـتـيـجـة شـعـورنـا بـزيـادة سـرعـة نـبـض الـقـلـب وزيـادة إفـراز الـغـدد، وزيـادة سـرعـة الـتـنـفـس وهـكـذا ولا يـعـود إلـى شـعـورنـا بـالـخـطـر الـذي يـمـثـلـه الـشـيـئ الـمـخـيـف. وحـسـب هـذه الـنـظـريـة يـصـبـح تـرتـيـب مـراحـل عـمـلـيـة الـهـيـجـان هـكـذا : ادراك الـمـنـبـه - إنـفـعـال - ثـم شـعـور بـالانـفـعـال ومـن الـشـواهـد الـتـي دعـم بـهـا جـيـمـس نـظـريـتـه نـذكـر مـثـلا قـولـه أنـه إذا لـم يـتـخـذ الإنـسـان الـوضـع الـخـاص بـالـهـيـجـان فـإنـه لا يـنـفـعـل. فـإذا رفـع الـحـزيـن وجـهـه بـدل أن يـنـكـسـه، ودفـع بـصـدره إلـى الأمـام بـدل أن يـنـكـمـش فـإنـه لايـشـعـر بـالـحـزن.

مــنــاقــشــة :

إعـتـمـدت هـذه الـنـظـريـة حـجـجـًا غـيـر قـاطـعـة. إذ تـبـنـي مـثـلا حـجـجـهـا عـلـى إفـتـراض الـتـوازي بـيـن الـهـيـجـانـات والـتـغـيـرات الـجـسـمـيـة لـكـنـنـا نـلاحـظ أن هـذه الـتـغـيـرات لا تـحـدث احـــيـــانـــا (هـيـجـانـا) فـحـقــن الأفـراد بـمـادة الأدريـنـالـيـن لايـحـدث شـعـورًا بـالـهـيـجـان مـع أنـه يـحـدث تـغـيـرات جـسـمـيـة. اذن فـالاضـطـرابـات الـعـضـويـة لا تـعـتـبـر شـرطـا كـافـيـا لإحـداث الـهـيـجـان.

الـنـظـريـة الـتـلامـوسـيـة :

يـرى كـل مـن كـانـون Cannon وبـار Bard أن الـهـيـجـان يـعـود إلـى إنـطـلاق الـتـيـارات الـعـصـبـيـة فـي الـهـيـبـوتـلامـوس وهـي مـنـطـقـة عـصـبـيـة فـي وسـط الـدمـاغ.

مــنــاقــشـة :

لـقـد تـمـكـنـت هـذه الـنـظـريـة مـن الـتـغـلـب عـلـى كـثـيـر مـن الـصـعـوبـات الـتـي واجـهـت الـنـظـريـة الـفـيـزيـولـوجـيـة، وكـشـفـت عـن آثـار الـهـيـجـان الايـجـابـيـة لـكـن الـبـحـوث الـعـلـمـيـة لـم تـثـبـت تـمـامـا مـا إذا كـانـت هـذه الـمـنـطـقـة هـي الـمـسـؤولــة عـن كـل الـهـيـجـانـات كـمـا لـم تـنـف مـسـاهـمـة أجـزاء أخـرى مـن الـجـمـلـة الـعـصـبـيـة والـقـشـرة الـدمـاغـيـة، ومـعـنـى هـذا هـو أن هـذه الـنـظريـة بـدورهـا لاتـكـفـي لـتـعـلـيـل الـخـبـرة الـهـيـجـانـيـة.

نـظـريـة سـارتـر :

 نـــظــــر سـارتـر لـلـهـــيـجـان نـظـرة (فـيـنـومـيـنـولـوجـيـة ) تـقـوم عـلـى عـدم الـفـصـل بـيـن الـمـوقـف الـمـثـيـر لـلـهـيـجـان وبـيـن الـذات ويـرى أن الـهـيـجـان او الإنـفـعـال إن هـو الاتـعـبـيـر عـن تـصـدع عـنـيـف فـي الـعـلاقـة الـرابـطـة بـيـن الـذات الـواعـيـة والـعـالـم. إذ فـي الـهـيـجـان تـتـغـيـر صـورة الـعـالـم الـعـاديـة الـتـي كـونـهـا الانـسـان عـنـه بـفـعـل آمـالـنـا وطـمـوحـاتـنـا. وعـنـدمـا يـقـع هـذا الـتـصـدع يـلـجـأ شـعـورنـا إلـى تـغـيـيـر الـعـالـم وفـق طـمـوحـاتـنـا ومـشـاريـعـنـا لـكـنـنـا نـصـطـدم بـعـجـزنـا عـن تـغـيـيـر الـعـالـم فـيـلـجـأ شـعـورنـا إلـى تـغـيـيـر ذاتـه لـكـي يـتـغـيـر الـعـالـم مـع تـغـيـره بـصـورة سـحـريـة فـأنـا حـيـن أصـادف أسـدا فـي الـطـريـق وأدرك خـطـره، وأعـي عـجـزي عـن إلـغـائـه مـن الـوجـود فـألـجـأ إلـى إلـغـاء شـعـوري بـه عـن طـريـق الاغـمـاء.

وهـكـذا فـالـهـيـجـان إذن سـلـوك قـصـدي نـزوعـي وهـو طـريـقـة لإدراك الـعـالـم إدراكـا يـتـمـاشـى، والـوضـعـيـة الـتـي يـكـون عـلـيـهـا الإنـسـان فـي هـذا الـعـالـم : فـالـعـالـم مـقـيـت فـي حـالـة الـغـضـب، وكـئـيـب فـي حـالـة الـحـزن، ورهـيـب فـي حـالـة الـخـوف.

مــنــاقــشــة :

واضـح أن هـذه الـنـظـريـة لايـمـكـنـهـا تـفـسـيـر كـل الـهـيـجـانـات. فـالإضـطـرابـات الـعـضـويـة مـثـلا يـمـكـن تـفـسـيـرهـا آلـيـا. وهـنـاك هـيـجـانـات نـاتـجـة عـن تـأثـيـر الـلاشـعـور لـكـن ( سـارتـر ) يـنـفـي وجـود الـلاشـعـور.

إسـتـنـتـاج :

الانـفـعـال عـامـة والـهـيـجـان خـاصـة تـتـذاخـل فـي احـداثـه كـل هـذه الـعـوامـل الـعـقـل والـجـسـم والـوعـي لأنـه إسـتـجـابـة نـزوعـيـة وإدراكـيـة ووجـدانـيـة وجـسـمـيـة تـعـود إلـى الإنــسـان كـكـل فـي سـعـيـه نـحـو الـتـكـيـف مـع الـبـيـئـة.

4 - أثــر الـهـيـجـان فـي الـسـلـوك :

اعـتـقـد بـعـض الـعـلـمـاء أمـثـال   بـيـارجـانـيـه أن الانـفـعـال سـلـوك فـاشـل ومـشـوش إنـه إضـطـراب يـبـدد طـاقـات الـمـهـتـاج ويـقـضـي عـلـيـهـا إنـه يـشـوش الـسـلـوك ويـعـطـل الـفـكـر، ويـشـلـه عـن الـنـشـاط، فـيـصـبـح الـمـهـتـاج عـاجـزا عـن ضـبـط أفـكـاره وأحـكـامـه وتـصـرفـاتـه وكـلامـه ويـعـجـز عـن مـواجـهـة الـمـواقـف، إذ يـتـلاشـى الـسـلـوك الإجـتـمـاعـي عـنـده وتـتـدهـور لـديـه مـظـاهـر الـسـلـوك الأخـلاقـي الـمـهـذب.

مناقشة هذه النظرية:

 لـكـن هـذه الـنـظـريـة لاتـفـسـر سـوى الـمـظـاهـر الـسـلـبـيـة لـلـهـجـيـان، وتـهـمـل وظـائـفـه الإيـجـابـيـة فـالـهـيـجـان فـي حـقـيـقـتـه عـمـلـيـة تـكـيـف مـع الـمـحـيـط قـد تـنـجـح أحـيـانـا، وإن كـانـت كـثـيـرًا مـاتـبـدو بـالـفـشـل.

وهـذا بـالـضـبـط مـا دفـع الـبـعـض أمـثـال ( بـرغـسـون ) و ( هـانـرى قـالـون ) إلـى الـتـأكـيـد عـلـى أن الـهـيـجـان سـلـوك إيـجـابـي مـفـيـد يـؤدي إلـى الـتـكـيـف ويـسـاعـد عـلـى الابـداع والـتـعـاطـف بـيـن الأفـراد، وأنـه مـنـشـط لـلـخـيـال الـمـبـدع والــذكـاء. فـهـو عـنـد ( بـرغـسـون ) قـوة مـبـدعـة تـتـجـلـى فـي الـخـبـرات الانـفـعـالـيـة الـتـي تـعـتـري سـلـوك الـمـبـدعـيـن، وهـو عـنـد ( قـالـون ) وسـيـلـة لـتـحـقـيـق الـمـشـاركـة الـوجـدانـيـة والـتـعـاطـف وتـنـشـيـط الـخـيـال والـذكـاء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق